بعد سنين من الظلم والاستبداد في تونس تولد عنه أسطورة للشاب محمد بوعزيزي ومن منا لا يعرفه، إنه شاب أحرق نفسه وأنار تونس الخضراء، طالب تونسي لم يعرفه أحد من قبل، ولم يتوقع أحد أن صفعة شرطية عسكرية سوف تطير باسمه إلى الآفاق إثر بيعه على عربة متنقلة لبيع الفواكه والخضار، فهي مصدر قوته وقوت أسرته، لقد أحرق نفسه في ساعة يأس بعد ظلم واستبداد وشبح يطارده ويطارد أهل بلدته وهو الجوع والفقر، فأصبح اسمه أسطورة خالدة غيرت مجرى التاريخ في تونس وغيرها من البلاد العربية، ولا عجب أن تنتقل عدواها إلى دول غربية. ثورة الياسمين تبعتها ثورات متلاحقة هنا وهناك داخل تونس وخارجها، حيث تردد صداها في كل مكان وتولد عنها خلع الرئيس زين العابدين بن علي، فطويت صفحته وصفحة حكومته كلها بنهاية مأساوية موجعة، وانتصر الشعب في نهاية المطاف، فسقط عرش الحكم برمته، وأحيل من أحيل إلى سجون ومحاكمات، فأصبحوا يتجرعون المرارة والموت في كل يوم ألف مرة.. وتولدت شرارة جديدة في بلدان أخرى، سقطت إثرها عروش وأنظمة، والعجيب في الأمر أن عربة بوعزيزي حاول الكثير من التجار شراءها بمئات الآلاف من الدولارات تخليدا لذكره ولثورته، والأعجب من ذلك أن أهل بوعزيزي يرفضون بيعها. حقا لقد أصبحت عربة ذهبية لا بد أن تدخل موسوعة جينيس، أو تدخل التاريخ من أوسع أبوابه، فقد تغير مجرى التاريخ بسببها، وهي لا تحمل سوى أخشاب متهالكة ومسامير وبقايا من قطع البرتقال والفواكه اليابسة، فأصبحت توزن بالآلاف من الدولارات.
رحم الله بوعزيزي لقد أصبح شمعة أحرقت نفسها لتضيء للآخرين طريق حريتها.
* عضو هيئة التدريس
بجامعة الملك عبدالعزيز.
رحم الله بوعزيزي لقد أصبح شمعة أحرقت نفسها لتضيء للآخرين طريق حريتها.
* عضو هيئة التدريس
بجامعة الملك عبدالعزيز.